رحلة الآثام بقلم منال سالم
المحتويات
ونعم الوكيل!
حينما استلقى كلاهما على ذلك الفراش الدافئ مرغت تهاني وجهها في صدر زوجها وهي تشعر بيده الحانية تمسح على ظهرها بنعومة لتحفز فيها خلاياها الكامنة فتتحفز من جديد وتغدو مستعدة لغزوه المستباح لأراضيها العميقة نظرت إليه من موضعها وسألته في عتاب رقيق عندما وجدته يمد يده ليمسك بكأس الخمر ويرتشف منه القليل
رد معللا بالكذب
أنا بس بحتفل عشان إنتي معايا
وأصرت على رأيها بنفس النبرة المتدللة
وأنا مش حابة كده
قال بهدوء محاولا إقناعها بالرضوخ وإن كانت لا ترضيها
حبيبتي دي شمبانيا يعني زي العنب المعتق
صعد بيده نحو وجهها لامس بشرتها الساخنة بأطراف أصابعه ثم تابع
تصنعت العبوس وقالت بلا تفكير
لأ طبعا
سألها في عبثية توحي بشيء خطېر
مش هتسمعي كلام جوزك
هزت كتفيها قائلة في تصميم
في دي لأ
غنجها المائع الظاهر في نظرتها إليه جعل حواسه تتيقظ بقوة لذا ترك الكأس من يده ليتمكن من الاستدارة بها سرعان ما أصبح يأسرها بسيطرته الظاهرة فما كان منها إلا أن تعلقت حينئذ انحنى برأسه عليها ونال منها مهدت السبيل لاحتلال مواطنها بلا منحته ما يريد وأعطاها ما يفيض فتناسا كل شيء إلا أنهما كانا جائعين لذلك الحب النهم
أحس بڼار تحرقه من داخله فلو كان يملك وقتا أكثر من ذلك لاستطاع استدراجها وإيقاعها في مصيدته فجأة راود عقله فكرة تنم عن خبث حاقد اعتدل في جلسته واستطرد مبتسما بابتسامة شيطانية للغاية
يا ترى فؤاد باشا لما يعرف هيكون رأيه إيه
ترك الفنجان من يده ثم وسد ذراعيه خلف رأسه متابعا بانتشاء مستمتع
أطلق ضحكة شامتة للغاية قبل أن يضيف
تستاهلها يا صاحبي
امتدت أيام الهناء والدلال لما يقرب من الأسبوعين تمتعت في لحظاتها المميزة معه بكل ما تمنت يوما الحصول عليه للحد الذي جعلها تتغاضى كذلك عن نزعة السائدة معتقدة بذلك أنها تمنحه السعادة القصوى بتذللها إليه انتهت تهاني من تجفيف شعرها المبتل لكنه كان لا يزال رطبا لم تمشطه وتركته مسترسلا على ظهرها
رمقها بهذه النظرة وقال وهو يشير إليها بيده
صعب أخرج من الجنة
استجابت له ودنت من الفراش وهي تتمايل في مشيتها تأملت كيف كانت عيناه متعلقتان أكثر وأصبحت في حالة من السرور الشديد جلست على حافة السرير واحتضنت كفه بيدها ثم رفعته إلى وجنتها ليشعر بالدفء المنبعث من بشرتها أسبلت عينيها تجاهه وأخبرته بشوق متزايد
حبيبي إنت إزاي سحرتني
كده
استخدم قوته الذكورية في جذبها إليه فسقطت حينئذ همس لها بتشويق أثار حماسها للغاية
إنتي لسه
مشوفتيش حاجة يا حبيبتي
مجددا أغار بقوة على نقاط حصونها فاستسلمت لعاصفة عشقه الجارفة جاعلة إياه يدك أعتى مكامنها بلهفة والتياع
اشتم رائحة النصر دون أن يحققه فعليا يكفيه أن وصلت إليه هذه المعلومة الخطېرة عن طريق عدة معارف ممن تربطهم الصلة به وبشقيقه الأصغر فأخذ يفكر ويدبر لاستغلالها بالطريقة المثلى ليصيب هدفه في مقټل ويظفر في النهاية بكل شيء مرر سامي يده في خصلات شعره المرتبة وخاطب نفسه وهو ينظر لانعكاس وجهه في زجاج النافذة المطلة على واجهة الشارع
والله وجاتلك على الطبطاب
سحب شهيقا عميقا حپسه للحظات في صدره ثم طرده على مهل وهو يستأنف حديث نفسه
دلوقتي بس تقدر تفرح وتشوف نفسك
التصق بعدئذ بفمه ابتسامة خبيثة متلذذة عندما أتم باقي كلامه غير المنطوق
شوف هتضحك على الباشا تاني إزاي!
لفت ذراعها للخلف محاولة استطالته قدر استطاعتها لتتمكن من وضع المرهم المرطب على الكدمات التي برزت في ظهرها وهي تنظر إليها عبر المرآة الموجودة بالحمام انتظرت تهاني لعدة دقائق ريثما يجف المرهم ثم ارتدت ثوبا مغريا من اللون الأزرق وخرجت وهي تزين وجهها ببسمة ضحوك معتقدة أن زوجها لا يزال مستغرقا في نومه لكنها تفاجأت به يقظا ويبحث في الدولاب بين ثيابه اقتربت منه متسائلة باندهاش
معقولة إنت صاحي من بدري
دون أن ينظر إليها أمرها
يالا إجهزي إنتي كمان
استغربت من قراره وسألته مستفهمة
احنا رايحين فين دلوقت
وضع يده على أحد ذراعيها حل تشابكهما ثم استدار تجاهها قائلا بتعابير هادئة
نازلين تحت هنعوم في البسين شوية وبعدها نشوف مطعم ناكل فيه ونطلع نتفسح
أصابها القلق وردت في تردد مشوب بالحرج
بس أنا مبعرفش أعوم
أنا معاكي هعلمك كل حاجة يا حبيبتي
ربنا يخليك ليا
عتدل في رقدته وأبقى عينيه المزعوجة عليها إلى أن أصبحت في مرماه لوح لها بيده لتراه فابتسمت في خجل وهي تختطف نظرات سريعة على الأجساد المستلقية على المقاعد في محيط المسبح خطت برشاقة حتى بلغته عندئذ جلست مقابله على المقعد الشاغر سألها باستنكار محسوس في نبرته وهو يرفع نظارته الشمسية أعلى رأسه
ما لبستيش المايوه ليه
تفاجأت بسؤاله بدلا من مدح جمالها أحست بجفاف يصيب حلقها فتغلبت على الاضطراب الذي اعتراها ورفرفت بجفنيها وهي تجيبه في استحياء ما زال موجودا ضمن ثوابتها
أنا متعودتش بصراحة أتكسف أوي وهو عريان خالص!
استهجن عزوفها عن تلبية أمره هاتفا بضيق صريح
إنتي مراتي دلوقتي ومعايا لازم تتعودي على حاجات كتير
اندهشت لتحامله غير المبرر تجاه موقفها ورأت ما يؤكد ذلك في عينيه المرتكزتين عليها أليس من المفترض أن يكون غيورا على زوجته لا يسمح لغيره برؤية ما تمتلك من كنوز ثمينة تغاضت عن هذه الذلة لئلا تفسد صفاء أيامها الأولى معه وأخفت انزعاجها وراء ابتسامة رقيقة أتبعها قولها الدبلوماسي
طب خليها مرة تانية
بدا وكأن غمامة رمادية هبطت من أعالي السماء على وجهه انقلبت سحنته على الأخير ونهض قائلا وهو يشيح بعينيه بعيدا عنها
براحتك
زاد شعورها بالغرابة إيذاء موقفه غير
المفهوم فأي رجل شرقي في موضعه كان من المستحيل أن يقبل بذلك أفاقت من لحظة شرودها الخاطفة على صوته الهاتف وهو يستعد للقفز في مياه المسبح
بس هتندمي كتير المياه تحفة
تداركت بسمتها التي خبت وردت عليه وهي تمسك بخصلة من شعرها لتلفها على إصبعها
كفاية عندي إنك تكون مبسوط
راقبته وهو يسبح بمهارة بطول المسبح إلى أن عاد إليها مجددا ليكلمها
روحي المطعم اشربي أو كلي حاجة لحد ما أخلص أنا قدامي شوية ومش عايزك تزهقي
اعترضت عليه بلطافة
مش مشكلة أنا هستناك
أصر عليها بوجه لم يكن بممازح
تهاني اسمعي
هزت رأسها هاتفة في طاعة تجنبا لإغضابه دون داع
حاضر
لم يكن الأمر كما ظنت أنه مكترث بها ويخشى عليها من الشعور بالملل لقد صرفها فقط ليتمكن من التودد إلى هذه الحسناء الشقراء الجالسة على الطرف الآخر من المسبح فاشتهى الحديث معها ووجودها المراقب له لن يمنحه حريته المطلوبة لذا تخلص منها بذكاء ليستمتع بوقته دون أن تعد عليه أنفاسه فكيف له أن يتوقف فجأة عما اعتاد من روتين شبه أساسي في حياته!
في المساء وعندما استأذنت تهاني للذهاب إل الحمام لتضبط مساحيق تجميلها بعدما فرغت من تناول العشاء بالمطعم المحلق بالفندق مع زوجها رأى مهاب نفس الحسناء تجلس على طاولة قريبة منه في التو انتقل إليها ورحب بها معكوسة في عينيه تفاجأ بها تشكو من الألم وتطرق رأسها قليلا فسألها ليتأكد
هل أنت بخير
أجابته وهي تبتسم
أشكرك يبدو أن الدوار قد أصابني كان يجب ألا أفرط في الشرب
مد يده ليمسك برسغها في نعومة وطلب منها بتهذيب
أنا طبيب هل تسمحي لي بفحصك
سحبت منه يدها برفق كنوع من التمنع المرغوب عليه ومع ذلك ردت عليه بنظرة لعوب فهمها جيدا
أنا بخير الآن لكني سأعود إلى غرفتي لأستريح
نهضت بتكاسل فترنحت في وقفتها أسرع ناحيتها ليسندها قائلا بهمس
دعيني أساعدك
التفتت تنظر إليه عن وهي تلفح وجهه
أشكرك كثيرا كم أنت لطيف!
لعب على الوتر الحساس الذي تساومه به قائلا عن عمد وهو يضغط بأصابعه على جانبها
وأنت تمتلكين مفاتيح الجمال
خرجت منها تأويهة مستمتعة اعترفت بها في التو
يبدو أني محظوظة لرؤيتك
فهم أن ما تقوم به مجرد مقدمات ممهدة لما هو أخطر ولم يمانع أبدا تذوق ما يثير فضوله لذا في صوت ثقيل استطرد معلنا عن تلبيته لدعوتها المفتوحة
حتما سنتقابل مجددا
ردت عليه بمكر استحث أكثر
إن كنت متفرغا
كادت عواطفه تشتعل أكثر لولا أن أطلت عليهما تهاني بوجهها المتجهم حدجتهما بنظرة ڼارية وصړخت فيهما مسببة بصوتها المرتفع لفت الأنظار
مين دي يا مهاب
انزعج من إحراجه بهذا الشكل المهين فقال دون أن يترك الحسناء من ذراعه
واحدة تعبت وبشوفها
انتزعتها منه انتزاعا وهي لا تزال تصيح في تحفز حانق بشدة
بتشوفها ولا واخدها
رد عليه من بين أسنانه المضغوطة وهو يجول بنظرة غير راضية على من حوله
إنت فاهمة غلط
حاولت الشابة الحسناء الوقوف باستقامة وحادثت تهاني بصوت شبه ثقيل وهي تضع يدها أمام فمها لتمنع نفسها من التجشأ
أعتذر يبدو أن هناك مشكلة ما بينكم
سلطت عليها تهاني نظراتها المحتقنة ورفعت إصبعها أمام وجهها صاړخة فيها بهدير مرتفع
نعم بسببك اغربي
استاء مهاب للغاية من طريقتها الفوضوية في إثارة المتاعب ولفت الأنظار إليه فأمسك بها من
معصمها ويجرها بعيدا عن الحضور المتابع لهما وهو ينهرها بصوت جاهد ألا يكون عاليا
بالراحة شوية يا تهاني الناس بتبص علينا
بقوة متعصبة انتشلت يدها من قبضته وتسمرت في موضعها بالردهة لتعنفه في ڠضب مبرر
طب اعملي اعتبار ده أنا مراتك
تنفس بعمق لئلا يخرج عن طور هدوئه ثم أخبرها كمحاولة أخيرة
للتعامل بحكمة مع الموقف
إنتي فاهمة غلط
اشتاطت أكثر من كذبه المكشوف واندفعت تجاهه تضربه في صدره بقبضتها وهدير صوتها يرن
ده أنا شيفاك بعينيا
حذرها من التمادي في عصبيتها هاتفا بصرامة
تهاني مابحبش الأسلوب ده!
كادت تنطق بشيء لتعارضه لكنه أخرسها قبل أن تنبس بكلمة صائحا بصوته الحازم
خلاص اسبقيني على فوق هنتكلم هناك
على مضض خطت مبتعدة وهي تبرطم بكلمات حانقة شيعها بنظرته القاسېة إلى أن غابت عن بصره فاستدار عائدا إلى الشقراء الحسناء منحنيا أمامها بعدما التقط كفها ليقبله في أدب ثم اعتدل واقفا ليخاطبها
أعتذر منك سيدتي
أبقت يدها أسيرة أصابعه وهي ترد بهزة صغيرة من كتفها
لا توجد مشكلة
انتقى من الكلمات ما شرح لها به تصرف المرأة الجالسة معه مدعيا
صديقتي مهووسة قليلا ترتاب حين أبتعد عنها وأنا لا أرغب في إحزانها
أظهرت تعاطفا ماكرا معه وأخبرته في رقة لا تزال مطعمة
أوه إذا علي الحذر منها
تصنع الضحك وقال
إنها غير مؤذية فقط تصرخ لحاجتها إلى الحب
رمقته بهذه النظرة المتسائلة وهي تعلق عليه
يبدو أنك خبير في هذه المسائل
أكد لها بلؤم كان واثقا أن مغزاه سيصل إليها
بالطبع وإلا
متابعة القراءة