إمرأة العُقاب بقلم ندى محمود

موقع أيام نيوز


فقط لا يطيق تحمل اجتماع اسمها واسم حاتم بجملة واحدة والذي يثير جنونه ويشعل لهيب نيران صدره .
وصلت هنا أمام باب غرفة والديها بعدما سمعت صوت صړاخ أبيها وخاڤت قليلا فطرقت بكف يدها الصغير فوق الباب تهتف بعبوس 
_ بابي ! 
استغلت جلنار فرصة طرق ابنتهم وسكونه التام بعد كلماتها لتبتعد عنه وتندفع نحو الحمام الملحق بالغرفة .. فيبقى هو مكانه للحظات حتى عاد صوت الطرق يرتفع من جديد مع صوت صغيرته الذي بات مبحوحا .. أخذ نفسا عميقا وتحرك نحو الباب ليفتح لها فيجدها تتطلع له بعينان تملأها الدموع .
ألا يكفي لقلبي دموع والدتك حتى تزيدي إنتي العڈاب بدموعك أيضا ! .

انحنى ليجثي أمامها ثم يحتضن وجهها الصغير بين كفيه ويقترب يطبع قبلة بجانب عينها الصغيرة ويضمها لصدره لاثما شعرها ويهمس پألم 
_ هو بابي هيلاقيها من فين ولا فين ياحبيبتي بس ! .. متعيطيش والله مش بستحمل اشوف دموعك 
دفنت وجهها الصغير بين صدره الواسع هامسة بحزن 
_ مامي بتحبك زي وبتزعل لما تزعق
انتصب في وقفته وهو يحملها معه ويهمس بمرارة 
_ امممم بتحبني أوي .. تعالي يلا ننزل تحت 
_ ومامي 
_ مامي في الحمام .. لما تطلع هتنزل ورانا
على الجانب الآخر بألمانيا تحديدا في مدينة برلين العاصمة .....
داخل إحدى المستشفيات وبغرفة خاصة بأكفأ الأطباء بالمستشفى .. كان جالسا فوق مقعده أمام المكتب يرتدي مئزره الطبي الأبيض ويمسك بيده صورة صغيرة .. قديمة إلا أنه يحتفظ بها جيدا فمن يمسك بها لا يتوقع أبدا أن تلك الصورة مرت عليها كل هذه السنوات ومازالت كما هي .
يتأملها وبأنامله يتحسسها في رقة .. تلك الصورة هي الأنيس الوحيد في وحشته وغربته منذ سنوات طويلة .
طال الغياب وفقد حلو النظر لكنه لم يفقد ابدا لهفة اللقاء المحتوم 
انفتح باب الغرفة فجأة بدون سابق إنذار ليدخل شابا يناضره بالعمر ويهتف بمرح يتحدث اللغة الألمانية 
_ الطبيب هنا وبالخارج الجميع يبحث عنه ! 
تطلع إليه بيأس وهتف وهو يدس الصورة في مئزره 
_ لمرة واحدة فقط أطرق الباب
أولا 
تقدم نحوه ليربت على كتفه بخفة هامسا بضحكة عذبة 
_ وهل هناك خصوصية بيننا ياصديقي ! 
هز رأسه بعدم حيلة وقال 
_ لا فائدة من الجدال معك .. اجلس وقل ما لديك 
اقترب صديقه ليجلس فوق المقعد المقابل لمكتبه ويهتف في جدية هيمنت على صوته وملامحه 
_ سمعت إنك ستعود لمصر خلال أسابيع ! 
تنهد وقال بهدوء 
_ صحيح .. ولا اطيق الانتظار حتى يوم العودة 
_ أنت تمزح ! .. هشام إنت من أكفأ الأطباء بالمستشفى إن لم تكن أوشكت أن تصبح الاشهر على الاطلاق ببرلين .. هل ستترك كل شيء وتعود !! 
ابتسم واجابه في بساطة 
_ من قال أنني سأترك كل شيء .. سأواصل مهنتي ببلدي .. وربما بيوم أعود لبرلين مرة أخرى من يعلم ! 
أخرج صديقه زفيرا حارا ليجيبه بعد ذلك بنظرات دقيقة ويأس 
_ اهلكك الشوق ولم تتحمل أليس كذلك ! 
لاحت ابتسامة مريرة على شفتي هشام الذي أصدر تنهيدة طويلة تبعها استقامته من مقعده وهو يلتفت حول المكتب ويربت على كتف صديقه بخفة هامسا في مداعبة 
_ هيا ياصديقي لدينا الكثير من الأعمال وليس هناك وقت لنهدره في الحديث
هز رأسه الآخر مغلوبا على أمره فكلما يتخذ مجرى حديثهم ذلك الموضوع يسارع في تغييره أو التهرب منه .. وهو ما يفعله الآن كالعادة ! .
توقف بسيارته أمام أحد الفنادق الضخمة ثم ترجل منها وقاد خطواته للداخل مرتديا نظارته السوداء فوق عينيه .. حتى وصل إلى مكتب الأستقبال وقف أمام الموظفة التي بدورها ابتسمت له ببشاشة وقالت 
_ اتفضل حضرتك 
حاتم بصوت جاد 
_ حابب اعرف رقم الغرفة الموجودة فيها نادين سامي 
اخفضت نظرها لشاشة الحاسوب التي أمامها تبحث بين نزلاء الغرف عن ذلك الاسم حتى عثرت عليها فقالت بإيجاب 
_ آنسة نادين سامي .. تمام لحظة من فضلك بس هبغلها الأول 
حاتم بحزم 
_ ملوش لزوم هي عارفة .. ممكن تقوليلي رقم الأوضة 
مطت شفتيها وقالت بنظرات دقيقة 
_ الغرفة رقم 404 بالدور الخامس 
لصق رقم الغرفة والطابق بذهنه ثم ابتعد وسار باتجاه المصعد الكهربائي ليستقل به ويضغط على زر الطابق الخامس وبعد دقيقتين تقريبا توقف وانفتح الباب فخرج وسار في الردهة طويلة يتفقد أرقام الغرف المدونة

________________________________________
فوق الأبواب حتى عثر على غرفتها .. فتحرك ووقف أمامه ليرفع يده ويطرق عدة طرقات ليست بلينة ولا قوية .
لحظات قصيرة وفتحت هي الباب معتقدة أن خدمة الفندق قد وصلت بالفطار .. لكن تجمدت دماء وجهها وطالت التحديق به تحاول اختراق تلك النظارة السوداء التي تحجب عنها رؤية عيناه ونظراته .. ثم انتصبت في وقفتها بشموخ وقالت في خنق 
_ خير
 

تم نسخ الرابط