إمرأة العُقاب بقلم ندى محمود
المحتويات
شيء وأنها لن تكون دليل على مسامحتها أبدا .
تحرك خلفها ليجلس على مقعده أمامها ويستمر في تمعن النظر بها بأسى .. هي لا تعطيه اهتماما لكن عينيه لا تحيد عنها تتأملها في عمق .. لا يؤذيه تمعنها عن الغفران بقدر شعوره بعدم ثقتها به في أي شيء تلك المشاعر السلبية التي تنطلق منها إليه تقتله الما !!! .
عادت الروح للجسد .. وعاد القلب يضخ پالدم من جديد .. ينبض پعنف كأنه عاد للحياة للتو .
خمس سنوات مرت منذ أن قرر بالفرار من كل شيء وكانت هي في المقدمة تلك القائمة التي يود الهروب منها .. ظن أن السنوات والبعد سيقضى على عشق لم يجد مأواه مع عاشقه .. لكن لم تزيده السنوات إلا ألما وشوقا .. يتخبط كل ليلة بأشواقه وأحلامه التي
تزوره بها دوما كأن عقله الباطني يرسل له إشارات ليخبره من خلالها يكفيك تفكير بها .. ترهق نفسك وترهقني معك ! .. لكن هيهات فهل يستمع القلب المتعجرف لذلك العقل المتفلسف ! .
قلبه أخذ يطرق بقوة يرسل للجميع دليلا بأن الليلة التقى أخيرا بذلك المعشوق الذي ارهقه لسنوات .. والإبتسامة صعدت بشكل لا إرادي
فوق شفتيه .. أما عينيه فحملت لمعة العشق والشوق لكم يرغب الآن بضمھا إليه يستنشق رائحتها فتتخلل إلى نفسه المشتاقة .
تغيرت وأصبحت أكثر جمالا ..اكتسبت القليل من الوزن في جسدها الضئيل .. ملامحها الطفولية نضجت وباتت تليق حقا بأنثى فاتنة مثلها .. تلك العينان السوداء اللامعة والواسعة والشفاه المنتكزة والأنف المستقيم مع شعرها الطويل المنسدل بخصلات صغيرة فوق وجهها وترفع باقيته لأعلى بمشبك صغير .
________________________________________
أن لحية ذقنه نمت بشكل كثيف ومعالم وجهه أصبحت أكثر غلظة وصرامة .. يبدو أن تلك السنوات لم تذهب هدرا بالفعل .. وذلك الغبي انسته السنوات صديقته الوحيدة ! .
ظلوا يتطلعون ببعضهم في صمت أحدهم لا يبالي بشيء سوى بإشباع عينيه من النظر لذلك الوجه الجميل والأخرى تتملكه الصدمة .. قطع لحظتم قدوم ميرفت التي بمجرد ما أن لمحت عيناها هشام صاحت بعدم تصديق
هرولت إليه شبه ركضا تضمه لها بقوة وتضحك بعدم استيعاب .. لم يكن مجرد ابن أخت زوجها بل هو ابنها أيضا .. كان لها دورا كبيرا في تربيته مع أمه وكبر على يديها .
هتف هو بابتسامة عذبة تملأ شفتيه كلها
_ وحشتيني يا فوفا
أدمعت عيناها من فرط سعادتها وابتعدت عنه تلكمه في كتفه بخفة وتهتف بعتاب
_ اخص عليك بقى بعد السنين دي كلها متقولناش إنك جاي !!
_ والله أنا اتصلت بماما الصبح وقولتلها إني راجع ولما عديت من قدام البيت عندكم بالطريق قولت لازم انزل واشوفكم
ميرفت بعينان دامعة وشقتين منفرجتين
القى نظرة خاطفة على زينة وغمغم بنبرة منبعثة من صميمه
_ صدقيني وانتوا أكتر والله .. أنا مكنتش عايش هناك
_ طالما رجعت مش هنسيبك تمشي تاني خلاص
هشام باسما بنظرة ذات معنى
_ وأنا مش ناوي أفارق تاني أساسا
عقدت زينة ذراعيها أمام صدرها رغم سعادتها بعودته إلا أنها مستاءة منه لغيابه طوال كل تلك السنوات دون أن يتواصل معها بأي شكل من الأشكال ..
سمعها تهتف متذمرة بجفاء مزيف
_ لسا فاكرني ولا نسيتني كمان يا دكتور
رمقها بعينان مغرمة وهائمة ليهمس بصدق
_ أنا حتى لو حاولت انساكي مش هعرف يازينة
ابتسمت له ولانت ملامحها الحازمة لتقترب منه وتعانقه برقة هاتفا في مداعبة وفرحة تظهر بوضوح في صوتها
_ حمدالله على السلامة .. وحشتني أوي ياصديقي
رغم انزعاجه من وصفها له بصديقها إلا أن ذلك العناق الذي كان يتمناه حصل عليه أخيرا فلم يبالي بأي شيء سوى بأن يغذي نفسه الواهنة برائحتها وقربها .. وللأسف لم تدم سعادته طويلا حيث ثواني معدودة وابتعدت عنه وهي تبتسم باتساع .
وقعت عيناه على كفها الأيمن فلمح ذلك الخاتم الذهبي الذي يزين أصبعها .. تلاشت الابتسامة فوق شفتيه وتجمدت معالم وجهه ليظهر عليها الدهشة والألم بآن واحد .. انتبهت لنظراته الثاقبة فوق أصابعها فرفعت كفها تنظر للخاتم ثم تجيبه بحماس
_ تعالى ادخل بس الأول وبعدين هحكيلك .. ده في حجات كتير حصلت في غيابك ياعم .. ادخل يلا
ميرفت ببهجة وسعادة
_ أنا الفرحة مش سيعاني والله بشوفتك يابني
كان بعالم موازي لا يستمع لأي شيء فقط ذلك الشعور المؤلم وكأن سکين
متابعة القراءة