إمرأة العُقاب بقلم ندى محمود

موقع أيام نيوز


الفصل الواحد والسبعون _
ثم تحرك ووقف خلفها ليرفع يديه ويفك عقدة الشريط حول رأسها ثم ينزعه عنها لتفتح هي عيناها وتتجول بنظرها حولها مذهولة وبعينان متسعتان على أخرهم من فرط الصدمة .
استقرت عيناها على تلك اللافتة الضخمة المدون فوقها دار الرحمة والمبنى المصمم بالطريقة العصرية والوانه جميعها مبهجة وجميلة تماما كما تمنت ! كل شيء مصمم كما رغبت هي به .. كأنه توغل داخل علقھا وقرأ أفكارها وتخيلاتها وصممها لها فوق أرض الواقع ! .
لطالما حلمت وتمنت أن تمتلك دار للأيتام تأوي فيه أطفال الشوارع المشردين وتعطيهم فرصة لحياة أخرى وجديدة بدلا من تلك التي سلبت منهم .

_ كل اللي جاي ليكي وبس يارمانتي .. تتمني أي حاجة بس وأنا انفذها .. لو طلبتي نجمة من السما مش بعيدة عليكي
زاد انهمار دموعها فوق وجنتيها بصمت لتلتفت له وتطالعه بعشق وامتنان .. لأول مرة يراها تتطلعه بهذا الشكل لم يكن الحب الذي بعينها كأي مشاعر سابقة شهدها منها .. مختلفة حتى في ابتسامتها التي شابهت طفلة صغيرة .. أو بالأدق كطفلتهم تماما حين تستحوذها السعادة .
ألقت بجسدها عليه وعانقته بحرارة وتركت العنان لشهقاتها حتى يرتفع صوت بكائها أكثر وتجيبه بصوت مبحوح من فرط البكاء 
_ أنا لو هتمني حاجة تاني من ربنا هي أنه يخليك ليا ياعدنان
_ ويخليكي ليا ياحبيبتي إنتي وهنا وابني اللي جاي في الطريق
ابتعدت عنه ورفعت يديها تجفف دموعها لتهمس له باسمة بتعجب 
_ أنت دايما بتتكلم عنه بصيغة الذكر .. إيه عرفك إنه هيكون ولد 
ضحك ورد بثقة غامزا وهو يمد كفه ليتحسس بطنها 
_ احساس قوي بيقولي إنه هيكون ولد 
رأت في عيناه رغبته ولمعته المختلفة التي تعبر عن أنه يتمنى أن يكون الطفل الثاني لهم صبي فابتسمت وتمتمت بعدما مالت عليه ولثمت وجنته برقة 
_ أن شاء الله يكون ولد ياحبيبي ويبقى شبهك كمان
دنى منها ولثم جانب ثغرها بحب ثم أردف بجدية امتزجت بحماسه 
_ طيب تعالي يلا افرجك على الدار من جوا 
لمعت عيناها بتشويق مماثل له وهتفت بفرحة غامرة 
_ يلا 
_ الفترة اللي كنت بغيب فيها الليل كله عن البيت وبرجع متأخر وبتكلم طول الوقت في التلفون وبعيد عنك كان بسبب تجهيزات الدار .. مكنتش عايزك تشكي ولا تعرفي أي حاجة إني بجهزلك للمفاجأة دي
طالت نظراتها العابسة إليه .. نظرة ممتلئة بالندم والاعتذار على حماقتها وما حالت إليه علاقتهم بسبب سذاجتها وعدم ثقتها به .. زمت شفتيها بحزن وتمتمت بأسف صادق 
_ أنا آسفة ! 
عدنان بصوت رجولي قوي لكنه يحمل الحنو 
_ أنا مش بقولك كدا على تعتذري احنا قفلنا اللي فات كله وفتحنا صفحة جديدة وأنا نسيت .. لكن بقولك عشان اثبتلك أننا رغم كل اللي مرينا بيه في علاقتنا لسا مع بعض أهو
_ عشان الزهرة متقدرش تتخلى عن عقابها
رأته يتأملها بعينان هائمة كلها رغبة وغرام وكأنها سلبت عقله منه فراح يدنو منها دون أن يشعر لكنه توقف فجأة وبعينان متسعة لكليهما حين صدح صوت رجل مسن كان مارا من أمام الدار ورأى مشهدهم الرومانسي من خارج البوابة فظنهم عشاق بالسر .. ليقول پغضب وقرف 
غضن عدنان عيناه پصدمة وهو يتابع ذلك الرجل الذي ألقى بعباراته وسار مبتعدا .. ولا إردايا وجد نفسه يصيح عليه وسط دهشته 
_ مراتي والله يا حج !!! 
بينما جلنار فاڼفجرت ضاحكة وقبل أن تتعالي صوت ضحكاتها أكثر وجدته يرمقها شزرا ويقول وهو يدفعها للداخل 
_ ادخلي جوا .. عاجبك اللي حصل ده بسببك .. الراجل افتركني شاقطك 
دهشت للحظة من تحوله الغريب لكن سرعان ما عادت تضحك من جديد وقالت 
_ الله وأنا مالي أنا كمان ! 
عاد يتطلع باتجاه البوابة من جديد ويقول بحيرة 
_ وهو طلع من فين كمان .. المنطقة لسا متعمرتش ومفيهاش ناس كتير

________________________________________
غير قليل جدا 
سكت لثواني ثم تابع بخنق 
_ ما تدخلي جوا يلا واقفة ليه !! 
جلنار بحماس 
_ أيوة يلا عشان اتفرج على الدار من جوا كويس كمان
عادت البسمة العبثية لشفتيه وغمز لها بوقاحة متمتما 
_ لا عشان نكمل كلامنا 
ثم وجدته يلف ذراعه حول كتفيها ويضمها إليه ليسروا معا للداخل وهو يتابع بخبث 
_ قوليلي بقى احنا كنا وقفنا فين .. كنتي بتقولي الزهرة لا تتخلى عن عقابها ! 
تعال صوت ضحكاتها الأنثوية وهو تنعته بوصف واحد وسط ضحكها وقح ......
توقفت السيارة أمام مبنى سكني ضخم وفاخر يحوى العديد من الشقق السكنية .. رفعت أسمهان نظرها من داخل السيارة لذلك الارتفاع الشاهق ثم انزلت رأسها وتحدثت للسائق وهي تفتح الباب 
_ خلاص ارجع أنت ياسعيد متستننيش 
رد السائق بهدوء 
_ تمام
ياست هانم لو احتجتي أي حاجة كلميني بس 
لم تجيبه وخرجت من السيارة لتقود
 

تم نسخ الرابط