إمرأة العُقاب بقلم ندى محمود

موقع أيام نيوز


خطواتها لداخل البناية لكن الحارس أوقفها وهو يقول بحزم بسيط 
_ طالعة لمين ياهانم 
أسمهان بصوت قوي 
_ آدم الشافعي 
أجابها الحارس بتأكيد وابتسامة خاڤتة 
_ حضرتك والدته صح 
اكتفت بإماءة بسيطة كرد على سؤاله لتجده يرحب بها ببشاشة ويقول بأسلوب مختلف تماما عن البداية 
_ اتفضلي يا هانم شقة آدم بيه في الدور التاسع .. شقة رقم 20
أسمهان في خفوت تام وهي تهم بالتحرك لتكمل طريقها لداخل البناية حيث المصعد الكهربائي 
_ تمام متشكرة 
سارت بخطوات هادئة حتى المصعد واستقلت به لتضغط على زر الطابق التاسع .. لحظات قاربت على الدقائق حتى انفتح باب المصعد من جديد لكن أمام الطابق المطلوب وخرجت منه ثم اخذت تتلفت حولها تبحث عن رقم الشقة فالتقطت عيناها الرقم المدون فوق شقته 20 .

تقدمت نحوها ووقفت للحظات تأخذ نفسا عميقا تتمني أن تنجح تلك المحاولة وتكون الأخيرة .. رفعت أناملها وضغطت على زر الجرس وانتظرت لكن دون رد فعادت تضغط للمرة الثانية وأيضا دون رد .. لوهلة ظنت أنه ليس بالمنزل لكن حين رفعت يدها لتهم بالضغط للمرة الثالثة انفتح الباب ! .
كان يرتدي قميص أبيض بنصف أكمام وبنطال أسود وبيده يمسك بهاتفه يبدو أنه كان
في محادثة مع أحدهم .
طالت نظراته المدهوشة بزيارة أسمهان المفاجئة لكن سرعان ما أخذ نفسا عميقا ورفع الهاتف لأذنه يرد على الطرف الآخر الذي اتضح أنه مهرة حين هتف 
_ طيب سلام دلوقتي يامهرة نبقى نكمل كلامنا بعدين
وانهى الاتصال معها لينزل الهاتف ويضعه بجيب بنطاله ثم يطالع أمه بنظرة جامدة ويفسح لها الطريق للدخول .. ففعلت أسمهان بصمت دون كلمة واحدة ودخلت .. اغلق هو الباب خلفها وتابعها بنظراته وهو يراها تتجول بنظرها بين أرجاء المنزل بأكمله .. تتفحص كل قطعة به كأنها تتأكد وتطمئن على كيفية تكيفه على الحياة بمفرده بعيدا عنها .
فجأة وجدها تلتفت له وتسأله بعفوية تامة كأنها نست كل شيء 
_اتغديت ولا لسا ياحبيبي 
ابتسم بخفة ثم رد مؤكدا 
_ اتغديت الحمدلله 
ابتسمت هي أيضا لكن بحزن لتقترب منه وتهمس بعينان دامعة 
_ مش كفاية يابني عقابك ليا .. صدقني أنا ندمت يا آدم ومستحيل اكرر أي غلط تاني .. أنا اتغيرت .. سامحني يابني وارجع .. أنا مش قادرة اعيش من غيرك أنت وأخوك بمۏت كل يوم ألف مرة في بعدكم عني البيت وحش أوي من غيرك يا آدم 
آدم بضيق وصوت صلب 
_ إنتي اللي وصلتينا للمرحلة دي ياماما 
اندفعت نحوه ورفعت يديها تحتضن وجهه بينهم هاتفة پبكاء وندم صادق 
_ أنا آسفة ياحبيبي اوعدك إني هكون الأم اللي تفتخر بيها بجد أنت وعدنان .. لا يمكن اغلط أي غلطة تاني وازعلكم مني .. إنتوا كل حاجة بنسبالي دلوقتي وعندي استعداد اتخلي عن أي شيء في سبيل إنكم تسامحوني
طال تمعنه بها في استسلام .. اڼهارت جميع حصونه ولم يعد بإمكانه الصمود أكثر من ذلك .. مهما فعلت ستظل أمه .. ومهما حدث لن يتوقف عن الاشتياق لها .. لن يتمكن أبدا من كرهها .. حبها فطرة خلقه الله بها ! .
لانت نظراته الصارمة وأصبحت دافئة كطفل صغير وهو يجيبها بتأكد 
_ واحنا ملناش غيرك ياماما ! 
تلك الجملة تأثيرها عليها كاد أن يجعلها تفقد وعيها من فرط السعادة و أعادت الضوء والبهجة لوجهها المنطفئ فوجدت نفسها ټنفجر باكية وهي تعانقه بقوة هاتفة بحړقة وحنان أمومي 
_ وحشتني أوي يا آدم .. وحشتني يابني ربنا يخليك ليا أنت وعدنان وميحرمنيش منكم
هو أيضا أحس بروحه التائهة استقرت بجسده بعد عناقها له ليتمتم بدفء 
_وإنتي كمان وحشتيني ياماما .. بس اللي عملتيه كان صعب جدا أننا نتقبله ويمكن لغاية دلوقتي مش قادر أصدق ولا أتقبل .. بس مقدرش أنكر أن حتى أنا اشتقت ليكي وللأكل من إيدك وحضنك ليا وحجات كتير 
أسمهان بضحكة مشرقة وفرحة غريبة 
_ بس كدا من عنيا ياحبيبي مفيش حد هيعملك الأكل غيري في البيت من هنا ورايح لغاية فرحك ولا سماح ولا غيره
مال عليها وطبع قبلة رقيقة فوق جبهتها هامسا بحنو 
_ بربنا

________________________________________
يديكي الصحة ويخليكي لينا 
لم تتحدث فقط استمرت بالتحديق به في ابتسامة عاطفية وعينان دامعة من فرط الفرحة .. لا تصدق أن أخيرا كل شيء سيعود لطبيعته .. بعد أن كادت أن تفقد الأمل في نيل مسامحة أولادها وعودتهم لها أخيرا تحققت أمنيتها التي لطالما قضت الليالي السابقة تدعي ربها بها .
داخل منزل حاتم الرفاعي ....... 
ردت عليه بلهجتها اللبنانية الرقيقة 
_ كل خير ان شاء الله ياحياتي 
زاد تعجبه أكثر لكنه اكتفى بابتسامته العبثية وقرر عدم السؤال مرة أخرى فإن كانت تخفي شيء عنه حتما سيظهر .. 
نادين پصدمة وخجل بسيط 
_ ما أنا فاهمة بقصد خبرني
 

تم نسخ الرابط